وسط الصحراء الشاسعة والجبال الصخرية الشاهقة تتواجد واحة سيوة الجميلة، التي تعتبر واحدة من أشهر الوجهات السياحية في مصر. تتميز هذه الواحة بطبيعتها الخلابة وتاريخها الحافل بالأساطير والقصص، فضلاً عن تراثها الثقافي الغني والذي يمتد إلى آلاف السنين. إن كنت تتطلع إلى تجربة فريدة من نوعها في الصحراء المصرية، فإن واحة سيوة هي المكان المثالي لك. فلماذا لا تتعرف على ما يجعل هذه الواحة تستحق الزيارة والتجربة؟
تعريف بواحة سيوة وموقعها في مصر
واحة سيوة هي إحدى الواحات المصرية الموجودة في الصحراء الغربية، تبعد حوالي 300 كم عن ساحل البحر المتوسط إلى الجنوب الغربي من مرسى مطروح ، وتتبع محافظة مطروح إدارياً. يوجد في الواحة الكثير من الآبار والعيون المستخدمة للري والشرب. كما تضم أربع بحيرات كبرى هي بحيرة المعاصر وبحيرة الزيتون شرق الواحة وبحيرة سيوة غرب مدينه شالي وبحيرة المراقي غرباً. تتميز واحة سيوة بطبيعة خلابة وطبيعية مُبهجة و تعد موطناً للعديد من الحضارات القديمة التي تركت آثار مميزة وعديدة بها.
الحياة اليومية في واحة سيوة
يعيش في واحة سيوة ما يقارب من 35 ألف نسمة، وغالبية السكان يعملون بالزراعة والسياحة. وتشكل واحة سيوة جزءًا من محمية طبيعية بمساحة 7800 كم تضم عدة أنواع لأشكال الحياة الحيوانية والنباتية.
تتحلى سيوة بالحفاظ على الطابع التقليدي الذي عاشت فيه قبائل سيوة القديمة عبر الزمن، حيث تهيمن المباني المصممة بالكرشيف الذي يستخدم مزيجاً من الرمل والطين، وتدعم الأسقف جذوع وجريد النخيل. مما يجعلها محبوبة لدى السياح المصريين والأجانب الذين يزورونها ويحبون الاستمتاع بالإقامة في هذه الفنادق والقرى والمنتجعات السياحية. كما يمكن للزوار الاستمتاع بالمناظر الطبيعية المبهجة، ورحلات السفاري باستخدام سيارات الدفع الرباعي، فضلاً عن الاستمتاع بالعلاج الطبيعي بفضل توافر الرمال العلاجية في الواحة.
تاريخ واحة سيوة وتأثرها بالحضارات المتعاقبة عليها
لعبت الواحة دورًا هامًا في حضارات مصر المتعاقبة، وخاصة فترة الدولة الوسطى حيث قام الفراعنة ببناء معابد وآبار ، واستوطنت صناعة النحاس الواحة.
وفي فترة الاسْتِعْمار الروماني، تم بناء حمَّامات طبيعية وأحواض سباحة ومبانٍ أخرى. وما زال التأثير الروماني واضحًا في بعض الآثار المتواجدة بالواحة.
ويمكن القول أن واحة سيوة تأثرت بالحضارات المتعاقبة وتاريخها الطويل، وعند الزيارة إليها يمكن مشاهدة مختلف الآثار التي تحتفظ بها هذه الواحة. ويعتبر معبد آمون ومقابر جبل الموتى والحمَّامات الرومانية من بين أكثر المواقع التي تجذب الزوار.
معالم ومزارات سياحية في واحة سيوة
تعد واحة سيوة واحدة من أجمل وأفضل الأماكن السياحية في مصر، حيث تتميز بالعديد من المزارات التي تستحق الزيارة. يمكن للسياح الاستمتاع بزيارة جبل الموتى الذي أكثر من 3000 مقبرة فرعونية والذي يُدعى أيضا بـ”جبانة الفراعنة”. كما يمكن زيارة قلعة شالي التاريخية والتي تعكس الحضارات القديمة التي تأثرت بها الواحة. كما يمكن للسياح زيارة البحيرات المالحة والتمتع بجمال الطبيعة وإطلالة الغروب الساحرة. ومن المزارات الأخرى التي تستحق الزيارة هي معبد آمون و مقبرة باتحوت ومقبرة سي آمون وجبل الدكرور وجزيرة طغاغين الرائعة. الواحة توفر للسياح جميع ما يحتاجون إليه لقضاء يومٍ مليئٍ بالمغامرة والتمتع بجمال الطبيعة وتاريخ الحضارات القديمة.
عيون المياه الطبيعية والعلاج في واحة سيوة
على الرغم من وقوعها في قلب الصحراء، إلا أنّ الماء العذب ينتشر في الواحة متمثلاً في العديد من الآبار والعيون. حيث يتدفق حوالى 190 ألف متر مكعب من المياه العذبة يوميًا من 200 عين، وتستخدم هذه المياه للشرب والري والعلاج وتعبئة المياه الطبيعية. وتتنوع عيون المياه بين الساخنة والباردة والحلوة والمالحة، بالإضافة إلى العيون الكبريتية، والتي ينصح بها لعلاج الأمراض الجلدية مثل الصدفية وغيرها. ومن بين تلك العيون الشهيرة عين تجزرت، وعين الدكرور، وعين قوريشت، وعين الحمام، وعين طاموسة، وعين خميسة، وعين الجربة، وعين الشفاء، وعين مشندت.
اهم واشهر عيون المياه بواحة سيوة:
- عين كيلوباترا: هي وجهة سياحية مشهورة في سيوة، يُطلق عليها أيضًا “عين جوبا” أو “عين الشمس”، وهي عبارة عن حمام صخري يُملأ بمياه الينابيع الساخنة الطبيعية. يسمي بعض الناس هذا الحمام تيمنًا باسم الملكة المصرية كليوباترا، الذي يقال إنها سبحت فيها خلال زيارتها لسيوة.
- العين الفطناس: وتقع على جزيرة فطناس، على بعد ما يقرب من 6 كم غرب مدينة سيوة. وتحيط بها مناظر طبيعية صحراوية والنخيل، كما تطل على البحيرة المالحة.
- عين واحد: هي ينبوع كبريتي ساخن يطلق عليها أيضا “بئر بحر الرمال الأعظم”، ويقع على بعد 10 كم من الواحة في قلب بحر الرمال الأعظم.
- عين كيغار: تتواجد بمنطقة سيوة عدة عيون للماء التي تستخدم في العلاج من الأمراض الصدفية الروماتيزمية (التهاب المفاصل الصدفي)، وعين كيغار هي الأكثر شهرة بينها. حيث تصل درجة حرارة مياهها إلى 67 درجة مئوية وتحتوي على عدة عناصر معدنية وكبريتية.
ظاهرة الاعتدال الربيعي في معبد آمون
يعتبر معبد آمون والذي يُدعى أيضا معبد الوحي أو معبد التنبؤات أو معبد الإسكندر في واحة سيوة، وهو واحدٌ من أهم المواقع الأثرية. تم إنشاؤه خلال الحقبة الفرعونية لنشر ديانة آمون بين القبائل والشعوب المحلية، لأن سيوة كانت تقاطع للمسارات التجارية بين جنوب وشمال وغرب وشرق الصحراء. يشهد أهالي سيوة والسائحون ظاهرة الاعتدال الربيعي في معبد آمون بواحة سيوة، فيتعامد قرص الشمس الذهبي على معبد آمون في نفس يوم ظاهرة فلكية تسمى الاعتدال الربيعي. تحدث هذه الظاهرة مرتين في العام، في 20 أو 21 مارس و22 أو 23 سبتمبر. ويتساوى الليل والنهار في يومي الظاهرة في العام بعد 90 يومًا من أقصر نهار في العام وبعدها ب90 يومًا آخرين يأتي أطول نهار في العام. يشهد ذلك العديد من السكان المحليين والسائحين، مما يشكل مصدر جذب الكثير من الزوار والمهتمين لمشاهدة هذا الحدث الفريد.
أهمية الواحة في الزراعة والاقتصاد المحلي
تعتبر واحة سيوة في مصر من أهم الواحات الزراعية في المنطقة، وذلك بسبب كثرة الآبار والعيون الموجودة فيها والتي توفر مصادر المياه الطبيعية للري والشرب. مما يجعل الواحة قادرة على إنتاج العديد من المحاصيل الزراعية من الخضروات والفواكه والنباتات الصحراوية، مثل الزيتون والبلح والتمر والتي يتم توزيعها في الأسواق المحلية. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر الواحة مصدرًا للتجارة والاقتصاد المحلي، حيث تقوم بتعبئة وتصدير المياه الطبيعية وبعض المنتجات المحلية إلى عدد لا بأس به من البلاد، مما يحسن معيشة السكان المحليين، ويعزز النمو الاقتصادي ككل.